حددت العقوبة بالمفهوم التقليدى بأنها إجراء يستهدف إنزال آلام بالفرد من قبل السلطة بمناسبة ارتكابه جريمة، أو هي ردة فعل اجتماعية على عمل مخالف للقانون، وردة الفعل هذه تتجسد بتدابير اكراهية تطال الفرد في شخصه أو حقوقه أو ذمته المالية. ولا بد من أجل توقيع العقوبة من تقريريها بواسطة سلطة مجردة مهما كان شكلها القانوني أو العرفي، وتفترض العقوبة وقوع جريمة، أو أي تحظره القوانين والأنظمة السائدة في المجتمع، والتشريعات الحديثة تقرر بأن لا جريمة بدون نص.وبذلك لا تكون هناك عقوبة بدون نص، وهذا المفهوم في مجال المسؤولية الجزائية تطور باتجاه تبرير توقيع العقوبة على أشخاص قد يبدون بعض المظاهر السلوكية غير المرضية التي لا تشكل جرائم في الواقع، ولا يمكن أن تؤدي إليها، فتوقع عليهم الإجراءات العقابية التي من شأنها منه حصول حالات الانحراف لديهم.
وتستلزم العقوبة إيلام الجاني، أو أي إجراء آخر يكون موضع سخطه، سواء تمثل بإنزال آلام جسدية به، أو تمثل بفعل لا يرضى عنه كحجز أو مصادرة أمواله، وبناء عليه يجب أن تكون العقوبة شخصية، أي لا توقع على غير الجانب ومن تتوافر لديه المسؤولية الجزائية، فلا تطال أسرته التي ينتمي إليها…
وهكذا تتنوع العقوبة طبقاُ لجسامة الجريمة وللخطورة الإجرامية الكامنة في نفس الجاني، وتزداد شدة كلما كان الضرر الناتج عنها كبيراً، ورغم المفهوم التأهيلي الذي تمحضت عنه الأفكار الحديثة في مجال تطبيقها، فإن صفتها الردعية بقيت تمثل هدفاً أساسياً لم تستغني عنه المجتمعات في هذا العصر، وتهدف هذه الدراسة التي بين يديك إلى البحث في أنواع العقوبات المقررة للجرائم في القسم الأول، بما يخصص القسم الثاني لأساليب تنفيذ العقوبات في صورها المختلفة، وما يتعلق بها من جوانب إصلاحية ردعية أو جوانب وقائية وضمن هذا الإطار سيتم تقسيم هذه الدراسة على النحو الآتي: القسم الأول: العقوبات، القسم الثاني: المؤسسات العقابية.